مع حميد الطرابيل (2)
مع حميد الطرابيل.. جئنا لمروي من نوري الجريف مع نفر غير قليل...خنقتني العبرات وأنا أرى جرف نيلنا العظيم يبتعد والقارب يمخر متثاقلا للضفة الأخرى ...كم شهدا على رجال ونساء أسسوا لحضارات جليلة. محمد الحسن سالم حميد أمسكني في كتفي: لم يعرفوا عنك سوى الابتسام والفرح فلا تحول لحظاتك الأخيرة لبكائية. قالها وهو يضحك. فانفحرت بالبكاء اسعى لتغطية وجهي. وجدت نفسي بعد قليل احاول تهدئة الرفاق بما فيهم حميد .. بكاء جماعي مع نحيب،جعل كثير من الركاب يتدخلون للتخفيف. البص يظهر من خلفي إيمانا بالرحيل إلى دنقلا في صيف العام ١٩٨٧، قلت لهم: كنت أبكي بقعة تتجسد فيها قيم ومعان قل وجودها في المعمورة؛ الذكاء فطري؛ الإنسانية متجذرة؛ اللسان الحضاري الحلو راسخ؛ الشجاعة والإباء والصبر أعمدة وجود في الناس، الموارد غزيرة ... ما الذي ينقص المكان سوى منهجية حكم راشد يستنفر الطبيعة بالتعليم والتنمية ...ألخ... قابلوا كلامي بجدية ثم ضحكات ...: البص يتحرك....